فصل: شمس الدين بن اللبودي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء **


 مهذب الدين بن عبد الرحيم بن علي رحمه اللَّه

وكان كثيراً لملازمة له والاشتغال عليه وسافر معه مرات في غزوات صلاح الدين لما فتح الساحل‏.‏

ومما حدثني شيخنا مهذب الدين عنه فيما يتعلق بمعالجاته قال كان أسد الدين شيركوه صاحب حمص قد طلب ابن المطران فتوجه إليه وكنت معه فبينما نحن في بعض الطريق وإذا رجل مجذوم استقبله وقد قوي به المرض حتى تغيرت خلقته وتشوهت صورته فاستوصف منه ما يتناوله وما يتداوى به فبقي كالمتبرم من رؤيته وقال له كل لحوم الأفاعي فعاوده في المسألة فقال كل لحوم الأفاعي فإنك تبرأ قال ومضينا إلى حمص وعالج المريض الذي راح بسببه إلى أن تماثل وصلح لحوم الأفاعي فإنك تبرأ ورجعنا فلما كنا في الطريق وإذا بشاب حسن الصورة كال الصحة قد سلم علينا وقبل يده فلم نعرفه وقال له من أنت فعرفه بنفسه وأنه صاحب المرض الذي كان قد شكاه إليه وأنه لما استعمل ما وصفه له صلح به من غير أن يحتاج معه لى دواء آخر فتعجبنا من ذلك في كمال برئه وودعنا وانصرف وحدثني أيضاً عنه أنه كان معه في البيمارستان الكبير الذي أنشأه نور الدين بن زنكي وهو يعالج المرضى المقيمين به فكان من جملته رجل به استسقاء زقي استحكم به فقصد إلى بزله وكان في ذلك الوقت في البيمارستان ابن حمدان الجرائحي وله يد طولى في العلاج فجزموا على بزل المستسقي قال فحضرنا وبزل الموضع على ما يجب فجرت مائية صفراء وابن المطران يتفقد نبض المريض فلما رأى أن قوته لا تفي بإخراج أكثر من ذلك أمر بشد الموضع وأن يستلقي المريض ولا يغير الرباط أصلاً ووجد المريض خفة وراحة كبيرة وكانت عنده زوجته فأوصاها ابن المطران أنها لا تمكنه من حل الرباط ولا تغيره بوجه من الوجوه إلى أن يبصره في ثاني يوم فلما انصرفنا وجاء الليل قال زوجها إنني قد وجدت العافية وما بقي بي شيء وإنما الأطباء قصدهم أن يطولوا بي فحلي الرباط حتى يخرج هذا الماء الذي قد بقي وأقوم في شغلي فأنكرت عليه قوله ولم تقبل منه فعاودها بالقول وكرر ذلك عليها مرات ولم يعلم أن بقية المائية إنما جعلوا إخراجها في وقت آخر مراعاة لحفظ قوته وشفقة عليه فلما حلت الرباط وجرت المائية بأسرها خارت قوته وهلك‏.‏

وحدثني أيضاً أنه رأى في البيمارستان مع ابن المطران رجلاً قد فلجت يده من أحد شقي البدن ورجله المخالفة لها من الشق الآخر فعالجه في أسرع وقت ودبره بالأدوية الموضعة فصلح‏.‏

أقول وكان لموفق الدين أسعد بن إلياس بن المطران إخوان أيضاً قد اشتغلا بصناعة الطب أحدهما هبة اللَّه بن إلياس والآخر ابن إلياس وتوفي موفق الدين بن المطران في شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وخمسمائة بدمشق ونقلت من خط البديع عبد الرزاق ابن أحمد العامري الشاعر يمدح موفق الدين بن المطران بعد إسلامه وذلك في ثالث شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة ينهي إليك وليس عندك بمنته قلب على صاب الصبابة مكرهي شوقاً أدل على الفؤاد فلمي فد بمدله الإغرام غير مدله يدنو فيغدو فيك حلف تفكه ولكم بعدت فبات إلف تفكه تجني ويعلم ما جنيت فيجتني عذراً يوجهه بوجه أبلهِ لعجبت من مغض على نار الغضا ما زال مستنداً إلى صبر يهي فطن دهاه في حشاشته الهوى غرراً ولن يدهي سوى الفطن الدهي ولقد نها ونهاه عنك ولم يزل يزداد غياً في هواك إذا نهي لو ساعد التوفيق لم يك لائذا بسوى الموفق ذي المحل الأنبه من لا يرى الإحسان في الأقوال ما لم يتلها بفعال غير مموه جم النهي ويداه أنهاء الندى للوفد ما عنها امرؤ بمنهنه رؤياه للأدواء حاسمة فكم مشف شفاه بذلك الوجه البهي جد حوى جداً وجود محوز حمد يطرز حلة المجد الشهي ضاهى ابن مريم حكمة وسعادة فعلنا الأعز له عنو موله هو عصمة اللاجي فإن هو لم يكن الأده للمستجير فلاده نصر العفاة علي الزمان ندى أبي نصر أخي الجاه الوجيه فلاجه وإذا الخلائق أشبهت أمثالها في الأكرمين فما له من مشبه وإذا الخواطر أصبحت مشدوهة فضل الأنام بخاطر لم يشده أعفى الأنام عن الثناء فحازه بيدي جواد باللهي متنبه فلك من الإحسان حين وصلته أغنى بأعلى أوجه عن أوجه أضحى ثرى مغناه وهو لي الغنى عنه الإياب كما إليه توجهي هي نفثة المصدور أصدر وردها الحساد بين مقهقر ومقهقه ما أقرب الآمال من ذي الهمة الح سرى وأبعدها من المترفه لولا رجاء البرء ما أرجأتها من بعد ما سبقت عتاق الفره لكنها سرت بمبدا برئه فسرت إليه وجسمه لم ينقه وغدت مهنئة بشهر صيامه بفصيح قول لم يكن بمفهفه يا أسعد أصغ إلى مدائح أفوه بعلاك فاق على البليغ الأفوه راج حداه ولاءه فسرى على عيسى الرجاء بكل مووت مهمه قد كنت في أهل الرسوم أقلهم حظاً وأكثر في المديح الأنزه ولموفق الدين بن المطران من الكتب كتاب بستان الأطباء وروضة الألباء غرضه فيه أن يكون جامعاً لكل ما يجده من ملح ونوادر وتعريفات مستحسنة مما طالعه أو سمعه من الشيوخ أو نسخه من الكتب الطبية ولم يتم هذا الكتاب والذي وجدته منه بخط شيخنا الحكيم مهذب الدين جزآن الأول منهما قد قرأه على ابن المطران وعليه خطه والجزء الثاني ذكر مهذب الدين فيه أن ابن المطران وافاه الأجل قبل قراءته له عليه القالة الناصرية في حفظ الأمور الصحية قصد فيها الإيجاز والبلاغ وقد رتبها أحسن ترتيب وجعها باسم السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ووجدت الأصل الأول من هذا الكتاب وهو بخط جمال الدين المعروف باسم الجمالة كاتب ابن المطران مترجماً المقالة النجمية في التدابير الصحية وكأنه كان صنفها لنجم الدين أيوب والد صلاح الدين فلما توفي ولم يوصلها إليه جعلها باسم ولده اختصار كتاب الأنوار للكسدانيين إخراج أبي بكر أحمد بن علي بن وحشية إختصره وفرغ منه في رجب سنة إحدي وثمانين وخمسمائة لغز في الحكمة كتاب على مذهب دعوة الأطباء كتاب الأدوية المفردة لم يتم وكان قد قصد فيه أن يستوعب ذكر كل دواء على غاية ما يمكنه كتاب آداب طب الملوك وحدثني نسيب له أنه لما توفي كانت عنده مسودات عدة لمصنفات طبية وغيرها وتعاليق متفرقة فأخذ أخواته تلك المسودات وضاعت بينه وقال لي أنه رأى عند إحداهن صندوقاً أرادت أن تبطنه وقد ألصقت في باطنه جملة من هذه الأوراق التي بخطه‏.‏

مهذب الدين بن الحاجب كان مشهوراً فاضلاً في الصناعة الطبية متقناً للعلوم الرياضية معتنياً بالأدب متعيناً في علم النحو مولده بدمشق ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب على مهذب الدين بن النقاش ولازمه مدة ولما كان شرف الدين الطوسي بمدينة الموصل وكان أوحد زمانه في الحكمةوالعلوم الرياضية وغيرها سافر ابن الحاجب والحكيم موفق الدين عبد العزيز إليه ليجتمعا به ويشتغلا عليه فوجداه قد توجه إلى مدينة طوس فأقاما هنالك مدة ثم سافر ابن الحاجب إلى إربل وكان بها فخر الدين بن الدهان المنجم فاجتمع به ولازمه وحل معه الزيج الذي كان قد صنعه ابن الدهان وأتقن قراءته عليه ونقله بخطه ورجع إلى دمشق وكان هذا ابن الدهان المنجم يعرف بأبي شجاع ويلقب بالثعيلب وهو بغدادي أقام بالموصل عشرين سنة وتوجه إلى دمشق فأكرمه صلاح الدين والفاضل وجماعة الرؤساء وأجرى له ثلاثين ديناراً كل شهر وكان له دين وورع ونسك كثير الصيام يعتكف في جامع دمشق أربعة أشهر وأكثر ولأجله عملت المقصورة التي بالكلاسة وله تصانيف كثيرة منها الزيج المشهور الذي له وهو جيد صحيح ومنها المنبر في الفرائض وهو مشهور كتاب في غريب الحديث عشر مجلدات وكتاب في خلاف مجدول على وضع تقويم الصحة وكان دائم الإشتغال وله شعر كثير وقصد الحج فلما رجع إلى بغداد توفي بها ودفن عند قبر أبيه وأمه بعد غيبته أكثر من أربعين سنة وكان مهذب الدين بن الحاجب كثير الإشتغال محباً للعلم قوي النظر في صناعة الهندسة وكان قبل اشتهاره بصناعة الطب قد خدم في الساعات التي عند الجامع بدمشق ثم تميز في صناعة الطب وصار من جملة أعيانها وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نود الدين بن زنكي ثم خدم تقي الدين عمر صاحب حماة ولم يزل في خدمته بحماة إلى أن توفي تقي الدين ثم عاد ابن الحاجب إلى دمشق وتوجه إلى الديار المصرية وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بصناعة الطب وبقي في خدمته إلى أن توفي صلاح الدين ثم توجه إلى الملك المنصور صاحب حماة ابن تقي الدين وأقام عنده نحو سنتين وتوفي بحماة بعلة الاستسقاء‏.‏

 الشريف الكحال

هو السيد برهان الدين أبوالفضل سليمان أصليته من مصر وانتقل إلى الشام شريف الأعراق لطيف الأخلاق حلو الشمائل مجموع الفضائل وكان عالماً بصناعة الكحل وافر المعرفة والفضل متقناً للعلوم الأدبية بارعاً في فنون العربية متميزاً في النظم والنثر متقدماً في عمل الشعر وخدم بصناعة الكحل السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وكان له منه الجامكية السنية والمنزلة العلية والإنعام العام والتفضل التام ولم يزل مستمراً في خدمته متقدماً في دولته إلى أن توفي رحمه اللَّه‏.‏

ومن ملح ما للقاضي الفاضل فيه على سبيل المجون ومما أنشدني الشيخ الحافظ نجيب الدين أبو الفتح نصر اللَّه بن عقيلة الشيباني قال أنشدني القاضي الفاضل عبد الرحيم بن على لنفسه في الشريف الكحال رجل توكل بي وكحلني فدهيت في عيني وفي عيني وقال أيضاً عاد بني العباس حتى أنه سلب السواد من العيون بكحلة وكان قد أهدى الشريف أبو الفضل الكحال المذكور إلي شرف الدين بن عنين خروفاً وهو يومئذ بالديار المصرية فلما وصل إليه وجده هزيلاً ضعيفاً فكتب إليه يقول على سبيل المداعبة أتتني أياديك التي لا أعدها لكثرتها لا كفر نعمى ولا جهل ولكنني أنبيك عنها بطرفة تروقك ما وافى لها قبلها مثل أتاني خروف ما شككت بأنه حليف هوى قد شفه الهجر والعذل إذا قام في شمس الظهيرة خلته خيالاً سرى في ظلمة ما له ظل فناشدته ما تشتهي قال قتة وقاسمته ما شفه قال لي الأكل فاحضرتها خضراء مجاجة الثرى مسلمة ما خص أو راقها الفتل فضل يراعيها بعين ضعيفة وينشدها والدمع في العين منهل أتت وحياض الموت بيني وبينها وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل

 أبو منصور النصراني

كان طبيباً مشهوراً عالماً حسن المعالجة والمداواة وخدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب وبقي سنين في خدمته‏.‏

 أبو النجم النصراني

هو أبو النجم بن أبي غالب بن فهد بن منصور بن وهب بن قيس بن مالك كان طبيباً مشهوراً في زمانه جيد المعرفة بصناعة الطب محمود الطريقة فيها مشكور المعالجة حسن العشرة محباً للخير وكان يقرأ عليه علم الطب ويعد من جملة الفضلاء المتميزين في وقته وحدثني أبو الفتح بن مهنا النصراني أن أبا النجم كان أبوه فلاحاً في قرية شفا من أرض حوران وكان يعرف بالعيا وكان ابنه أبو النجم هذا صبياً فأخذه بعض الأطباء بدمشق عنده ولما كبر علمه صناعة الطب وعرفه أعمالها وخدم أبو النجم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وحظي عنده وكان مكيناً في الدولة وبقي في خدمته مدة وكان يتردد إلى دوره ويعالج مع جملة الأطباء وتوفي أبو النجم النصراني بدمشق في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وله ولد طبيب وهو أمين الدولة أبو الفتح بن أبي النجم وله من الكتب كتاب الموجز في الطب وهو يشتمل على علم وعمل‏.‏

 أبو الفرج النصراني

كان طبيباً فاضلاً عالماً بصناعة الطب جيد المعرفة بها حسن العلاج متميزاً في زمانه وخدم بصناعة الطب الملك الدين يوسف بن أيوب وكان يحترمه ويرى له وخدم أيضاً الملك الأفضل نور الدين علي بن أيوب وكان يحترمه ويرى له وخدم أيضاً الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين وأقام عنده بسميساط وكذلك أيضاً أولاد أبي الفرج إشتغلوا بصناعة الطب وأقاموا بسميساط في خدمة أولاد الأفضل‏.‏

 فخر الدين بن الساعاتي

هو رضوان بن محمد بن علي بن رستم الخراساني الساعاتي مولده ومنشؤه بدمشق وكان أبوه محمد من خراسان وانتقل إلى الشام وأقام بدمشق إلى أن توفي وكان أوحداً في معرفة الساعات وعلم النجوم وهو الذي عمل الساعات عند باب الجامع بدمشق صنعها في أيام الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وكان له منه الأنعام الكثير والجامكية والجراية لملازمته الساعات وبقي كذلك إلى أن توفي رحمه اللَّه وخلف ولدين أحدهما بهاء الدين أبو الحسن علي بن الساعاتي الشاعر الذي هو أفضل أهل زمانه في الشعر ولا أحد يماثله فيه وتوفي بالقاهرة وديوانه مشهور ومعروف والآخر فخر الدين رضوان بن الساعاتي الطبيب الكامل في الصناعة الطبية الفاضل في العلوم الأدبية‏.‏

وقرأ فخر الدين صناعة الطب على الشيخ رضي الدين الرحبي ولازمه مدة وكان فطناً ذكياً متقناً لما يعانيه حريصاً في العلم الذي يشتغل فيه وقرأ أيضاً صناعة الطب على الشيخ فخر الدين المارديني ولما ورد إلى دمشق كان فخر الدين بن الساعاتي جيد الكتابة يكتب خطاً منسوباً في النهاية من الجودة ويشعر أيضاً وله معرفة جيدة بصناعة المنطق العلوم الحكمية وكان اشتغاله بعلم الأدب على الشيخ تاج الدين الكندي بدمشق وخدم فخر الدين بن الساعاتي الملك الفائز بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وتوزر له وخدم أيضاً الملك المعظم عيسى بن الملك العادل بصناعة الطب وتوزر له وكان ينادمه ويلعب بالعود وكان محباً لكلام الشيخ الرئيس بن سينا في الطب مغرى به وتوفي رحمه اللَّه بدمشق بعلة اليرقان‏.‏

ومن شعره يحسدني قومي على صنعتي لأنني بينهم فارس سهرت في ليلي واستنعسوا لن يستوي الدارس والناعس ولفخر الدين بن الساعاتي من الكتب تكميل كتاب القولنج للرئيس بن سينا الحواشي على كتاب القانون لابن سينا كتاب المختارات في الأشعار وغيرها

 شمس الدين بن اللبودي

هو الحكيم الإمام العالم الكبير شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبدان بن عبد الواحد بن اللبودي علامة وقته وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية وفي علم الطب سافر من الشام إلى بلاد العجم واشتغل هناك بالحكمة على نجيب الدين أسعد الهمداني وقرأ صناعة الطب على رجل من أكابر العلماء وأعيانهم في بلاد العجم كان أخذ الصناعة عن تلميذ لابن سهلان عن السيد الأيلاقي محمد وكان لشمس الدين بن اللبودي همة عالية وفطرة سليمة وذكاء مفرط وحرص بالغ فتميز في العلوم وأتقن الحكمة وصناعة الطب وصار قوياً في المناظرة جيداً في الجدل يعد من الأئمة الذين يقتدى بهم والمشايخ الذين يرجع إليهم وكان له مجلس للاشتغال عليه بصناعة الطب وغيرها وخدم الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وأقام عنده بحلب وكان يعتمد عليه في صناعة الطب ولم يزل في خدمته إلي أن توفي الملك الظاهر رحمه اللَّه وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة وبعد وفاته أتى إلى دمشق وأقام بها يدرس صناعة الطب ويطب في البيمارستان الكبير النوري إلى أن توفي رحمه اللَّه وكانت وفاته بدمشق في رابع ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وستمائة وله من العمر إحدى وخمسون سنة ومن كلام شمس الدين بن اللبودي كل شيء إذا شرع في نقص مع إصراف الهمة إليه تناهى عن قرب‏.‏

ولشمس الدين بن اللبودي من الكتب كتاب الرأي المعتبر في القضاء والقدر شرح كتاب

 الصاحب نجم الدين بن اللبودي

هو الحكيم السيد العالم الصاحب نجم الدين أبو زكريا يحيى بن الحكيم الإمام شمس الدين محمد بن عبدان بن عبدان بن عبد الواحد أوحد في الصناعة الطبية ندرة في العلوم الحكمية مفرط الذكاء فصيح اللفظ شديد الحرص في العلوم متفنن في الآداب قد تميز في الحكمة في الأوائل وفي البلاغة على سحبان وائل له النظم البديع والترسل البليغ فما يدانيه في شعره لبيد ولا في ترسله عبد الحميد ولما رأيت الناس دون محله تيقنت أن الدهر للناس ناقد‏.‏

مولده بحلب سنة سبع وستمائة ولما وصل أبوه إلي دمشق كان معه وهو صبي وكانت النجابة تتبين فيه من الصغر وعلو الهمة وقرأ على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي واشتغل عليه بصناعة الطب واشتغل بعد ذلك وتميز في العلوم حتى صار أوحد زمانه وفريد أوانه وخدم الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد بن أسد الدين شيركوه بن شاذي صاحب حمص وبقي في خدمته بها وكان يعتمد عليه في صناعة الطب ولم تزل أحواله تنمي عنده حتى استوزره وفوض إليه أمور دولته واعتمد عليه بكليته وكان لا يفارقه في السفر والحضر ولما توفي الملك المنصور رحمه اللّه وذلك في سنة ثلاث وأربعين وستمائة بعد كسره الخوارزمية توجه الحكيم نجم الدين إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل وهو بالديار المصرية فأكرمه غاية الإكرام ووصله بجزيل الإنعام وجعله ناظراً على الديوان بالإسكندرية وله منه المنزلة العلية وجعل مقرره في كل شهر ثلاثة آلاف درهم وبقي على ذلك مدة ثم توجه إلى الاشم وصار ناظراً على الديوان بجميع الأعمال الشامية‏.‏

ومن ترسله كتب رقعة وقف الخادم على الشمرفة الكريمة أدام اللَّه نعمة المنعم بما أودعها من النعم الجسام وأقتضبه فيها من الأريحية التي أربى فيها على كل من تقدمه من الكرام وأبان فيها عما يقضي على الخادم بالاسترقاق وعلى الدولة خلدها اللَّه بمزايا الاستحقاق وكلما أشار المولى عليه فهو كما نص عليه لكنه يعلم بسعادته أن الفرص تمر مر السحاب وأن الأمور المعينة في الأوقات المحدودة تحتاج إلى تلافي الأسباب وقد ضاق الوقت بحيث لا يحتمل التأخير والمولى يعلم أن المصلحة تقديم النظر في المهم على جميع أنواع التدبير وما الخادم مع المولى في هذا المهم العظيم إلا كسهم والمولى مدده وسيف والمولى جرده فاللَّه اللَّه في العجلة والبدار وقد ظهرت مخايل السعادة والانتصار والحذر الحذر من التأخير والإهمال فنتفوت والعياذ باللَّه الأوقات التي نرجو من اللَّه فيها بلغ الآمال والمرجو من كرم اللَّه أن ينهض المملوك في خدمة مولانا ومن شعره وهو مما أنشدني لنفسه فمن ذلك قال في الخليل عليه الصلاة والسلام وهو متوجه إلى خدمته عند عودته من الديار المصرية وأنشدها عند باب السرداب وهو قائم في ذي القعدة سنة إحدى وستين وستمائة هذي المهابة والجلال الهائل بهرا فماذا أن يقول القائل لو أن قساً حاضراً متمثلاً يوماً لديك حسبته هو باقل هل تقدر الفصحاء يوماً أن يروا وبيانهم عن ذي الجلال يناضل وبك اقتدي جل النبيين الأولى ولديك أضحت حجة ودلائل أظهرت إبراهيم أسباب الهدى والخير والمعروف أنت العامل شيدت أركان الشريعة معلناً ومقرراً أن الإله الفاعل ما زال بيتك مهبط الوحي الذي لجلاله مقفر ربعك آهل وبهرت في كل الأمور بمعجز ما أن يخالف فيه يوماً عاقل وكفاك يوم الفخر أن محمداً يوم التناسب في النجار مواصل ما زلت تنقل للنبوءة سرها حتى غدا لمحمد هو حاصل أرجوك تسأل لي لدى رب العلا غفران ما قد كنت فيه أزاول وأرى وقد غفرت لديه خطيتي وبلغت مقصوديوما أنا آمل ورجعت منقطعاً إلى أبوابه لا ألتقي عن غيره أنا سائل ولقد سألت لكامل في جوده يعطي بلا منّ ولا هو باخل فحقيقة أني بلغت إرادتي سيما وأنت لما سألت الحامل وقال أيضاً في الخليل عليه الصلاة والسلام عند عوده من الديار المصرية في شهر جمادى الآخرة سنة أربع وستين وستمائة وأنشدها عند باب السرداب ألا يا خليل اللَّه قد جئت قاصداً إلى بابك المقصود من كل موضع أؤدي حقوقاً واجبات لفضلكم مننتم بها قدماً على كل من يعي فأرشدت أقواماً بهديك اقتدوا فصاروا بذاك الهدي في خير مهيع وأظهرت أعلام الشريعة معلناً فأضحت بمرأى للأنام ومسمع وأودعتها أسرار كل خفية فكنت بما أودعته خير مودع وأظهرت برهاناً غدا بك قاطعاً قطعت به من لم يكن قبل يقطع بأن يحمني من شر كل بلية ويصرف عن صرف الحوادث مجمعي ولا يبلني من بعدها بمصيبة ولا التقي خلاً بأنه موجع ويفرج لي مما ابتليت بهمه فق بت مهموماً بقلب مصدع فإني إذا ما نابني خطب حادث جعلت إلى مغناك قصدي ومفزعي لتشفع لي عند الإله فأنثني بتبليغ آمالي وتحصيل مطمعي فأفرغ عن إشعال دنيا وأنثن إلى أمر أخراي بقلب موسع وتسأله أن يعف عني تكرما وإن أحظ من أنواره بتمتع ومن كان مشفوعاً وأنت شفيع فلا بد في الجنات يحظى بمرتع ورأى الخليل عليه الصلاة والسلام فيما بين النائم واليقظان عقيب حال كانت اتفقت له يقول له لا تأسفن على خيل ولا ما ولا تبيتن مهموماً على حال ما دامت النفس والعلياء سالمة فانظر إلى سائر الأشيا بإهمال فإنما المال أعراض مجددة معرضات لتضييع وإبدال ولم تر قط محتاجاً إلى أحد ولم تزل أهل حاجات وآمال وسوف يجزيك رب العرش عادته على عوائد إحسان وإجمال وتلتقي كل سير بت ترقبه كما مضى سالفاً في عصرك الحالي وقال ونظمه في القدس الشريف عند عوده من مصر في منتصف جمادي الأولى سنة ست وستين وستمائة ألا يا خليل اللَّه عندي صبابة وشوق إلى لقياك زاد بها كربي 3 فأنت الذي سننت للناس مذهباً فكنت به الهادي إلى السنن الرحب وأوضحت في طرق النبوة منهجاً فراح من الأشواق يعلو على الشهب بما كنت مبديه من الحجج التي قوين فلا يدفعن بالقدح والثلب وكان بودي لو أتيتك زائراً أعفر في مغناك خدي على الترب وأقضي حقوقاً واجبات لفضلكم غدت لكم بالفضل في أفضل الكتب وأنهي ما عندي من الوجد والأسى وما بات من هم وأصبح في قلبي وإن الليالي قد رمتني بصرفها بماحط من شأني وقلل من غربي ولا سيما والعبد في شيمة الذي به شرفت كل الأعاجم والعرب وذلك خير الناس أعني محمداً ومن شرفت كان في الأراء في غاية القرب ومن كنتما ذخراً له ووسيلة وكنزاً عظيماً راح في السلم والحرب فلا عجباً إن راح وهو مسلم من البأس والضراء والعتب والسلب وغير بديع أن يرى غير خائف يبات قريراً آمن القلب والسرب فيا صاحبي طرق النبوة والهدى أقيلاً عثاري شافعين إلى ربي فحسبكما لي شافعان فإنني لأعلم أن اللَّه حينئذ حسبي وقال أيضاً إذا ضاق أمر فاصبر سوف ينجلي فكم حر نار أعقبت بسلام ولا تسأل الأيام دفع ملمة فلست ترى أمراً حليف دوام وقال وكتبه إلى الملك الناصر يوسف بن محمد ليهنك نيروز أتاك مبشراً بنيل الذي تهواه يوماً وتطلب وإن بقاء الملك مع غير أهله عجيب وحالي منه عندك أعجب وأقسم لو ساعدتني بعض مدة لأمسى الذي استعبدته وهو يقرب وقال يا مالك مهجتي ويا متلفها كم تسعفك النفس وكم تعسفها إن كنت أنا في الحب يعقوب هوي ها أنت على حسانها يوسفها وللصاحب نجم الدين بن اللبودي من الكتب مختصر الكليات من كتاب القانون لابن سينا مختصر كتاب المسائل لحنين بن إسحق مختصر كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا مختصر كتاب عيون الحكمة لابن سينا مختصر كتاب الملخص لابن خطيب الري مخحتصر كتاب المعاملين في الأصولين مختصر كتاب أوقليدس مختصر مصدرات أوقليدس كتاب اللمعات في الحكمة كتاب آفاق الأشراق في الحكمة كتاب المناهج القدسية في العلوم الحكمية كفاية الحساب في علم الحساب غاية الغايات في المحتاج إليه أوقليدس والمتوسطات تدقيق المباحث الطبية في تحقيق المسائل الخلافية علي طريق المسائل خلاف الفقهاء مقاله في البرشعثا كتاب إيضاح الرأي السخيف من كلام الموفق عبد اللطيف وألف هذا الكتاب وله من العمر ثلاث عشرة سنة غاية الإحكام في صناعة الأحكام الرسالة السنية في شرح المقدمة المطرزية الأنوار الساطعات في شرح الآيات البينات كتاب نزهة الناظر في المثل السائر الرسالة الكاملة في علم الجبر والمقابلة الرسالة المنصورية في الأعداد الوفقية الزاهي في اختصار الزيج المقرب المبني على الرصد المجرب